هل منهج المناظرة ليس له أصل فى القرأن و السنة ؟
التاريخ: الأحد 12 فبراير 2006
الموضوع: مقالات الموقع


انه السؤال الذى يطرح نفسه دائمًا : هل من المفيد أن نجادل و نتحاور و نناظر الأخر ؟    العديد من الناس  يستدلون ببعض أقوال الشيخ الغزالى - صاحب كتاب الإحياء - فى شأن المناظرات و حجيتها , فى حين أن المناظرات التى تحدث عنها الشيخ الغزالى فى كتابه ( احياء علوم الدين ) كانت بخصوص المناظرات التى حدثت بين الفلاسفة و علماء الكلام , تلك المجادلات التى لا تسمن و لا تغنى من جوع ,  و لهذا رجع الإمام الغزالى و غيره من علماء الكلام الى  منهج أهل السنة و الجماعة فى أخر عمرهم , فنرجوا ألا يخلط أحد بين ما قاله الشيخ الغزالى و بين ما يسأل عنه البعض , و الأن لنعود الى السؤال الذى نحن بصدده .  يقول شيخ الاسلام ابن تيمية : و أما قوله  و لا تجادلوا أهل الكتاب الا بالتى هى أحسن الا الذين ظلموا منهم و قولوا أمنا بالذى أنزل الينا و أنزل اليكم و الهنا و الهكم واحد و نحن له مسلمون  العنكبوت 46 . أمر للمؤمنين أن يقولوا الحق الذى أوجبه الله عليهم , و على جميع الخلق ليرضوا به الله , و تقوم به الحجة على المخالفين , فإن هذا الجدال بالتى هى أحسن , و هو أن تقول كلاما حقا يلزمك , و يلزم المنازع لك أن يقوله فإن وافقك و الا ظهر عناده و ظلمه .

و يعلق الشيخ رحمه الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون  ال عمران 46 . قائلافأمره لهم ( للمؤمنين ) أن يقولوا اشهدوا بأنا مسلمون يتضمن اقامة الحجة عليهم , كما كان المسيح – عليه السلام – يقول ( الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح -2 / 36(و قد سئل الشيخ أحمد ديدات عن هذا المنهج فقال رحمه الله   " ليس من الضرورى أن تقبل وجهة نظر خصمك باستعمال معرفته الشخصية و منطقه الشخصى و ذلك عندما تستخدم أدواته ضده . و ليس من الضرورى أن يكون ما تقول به فى مناقشتك و مجادلتك له , ما يؤمن هو به , مقبولا باعتباره حق له الصفة الشرعية عندك . و يعبر الله سبحانه و تعالى عن هذا فى القرأن الكريم , حيث يخاطب الناس وفقا لمنطقهم الشخصى , فحين يذكر لنا الأصنام التى عبدها مشركو العرب أيام الوثنية يقول تعالى :  أفرأيتم اللات و العزى و مناة الثالثة الأولى ألكم الذكر و له الأنثى تلك اذن قسمة ضيزى ( النجم 19- 22 ) ............ و عندما أراد الله أن يجادلهم , كيف فعل هذا ؟ ( لقد جادلهم بمنطقهم الخاص ) . ان الله تبارك و تعالى يقول لهؤلاء العرب من خلال فم النبى محمد ما معناه " انكم تفضلون الأبناء على البنات و تحبون الأبناء باعتبارهم مصدر لفخركم و كبرياءكم و عزتكم . أما الله سبحانه و تعالى فتنسبون له البنات ؟ ! " و الأن هذا نوع من الجدال ....... و هذا بالطبع لا يعنى بحال من الأحوال أن الله سبحانه و تعالى يقبل عقليتهم و منطقهم ........ اذن فالمسألة مجرد مسألة أسلوب و منهج ( نقلا عن كتاب هل عيسى بشر أم اله أم اسطورة ؟ ص 147 – 150)  فكما يقول فارس الإسلام , ان القرأن كله مناظرات غرضها اقامة الحجة على المخالف و اظهار الحق و هداية البشر .   فجواز مناظرة أهل الكتاب بما هو عندهم واجب شرعى , غايته اقامة الحجة عليهم لا الإيمان به , و لذلك ظهرت العديد من المؤلفات لعلماء الأمة من المتقدمين و من المتأخرين , تفيد أنهم استفاضوا فى هذا الأمر و استخدموا هذا الأسلوب لما فيه من اظهار للحق و كشف للباطل .فألف شيخ الاسلام ابن تيمية " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح " و ألف ابن القيم " هداية الحيارى فى أجوبة اليهود و النصارى " و ألف ابن حزم " الفصل فى الملل و النحل " و ألف الغزالى " الرد الجميل لألوهية عيسى بصريح الانجيل " و غيرهم الكثير الكثير .و من أبرز علماء الأمة على الإطلاق فى هذا المجال الشيخ المجاهد الهمام رحمت الله بن خليل الهندى صاحب كتاب " اظهار الحق " . الذى وقف كالطود الشامخ أمام حملات التنصير العنيفة التى اجتاحت الهند فى منتصف القرن التاسع عشر .و من أبرز علماء هذا المجال فى هذا الزمان الأسد أحمد ديدات و اللواء المهندس أحمد عبد الوهاب و الدكتور أحمد شلبى و الدكتور عبد العظيم المطعنى و الشيخ محمد رشيد رضا و العديد من علماء الأمة الذين أثروا المكتبة الاسلامية بهذه المؤلفات التى عجز النصارى الى يومنا هذا من الرد عليها . و لقد كانت هذه المؤلفات على مر العصور كالسيف البتار الذى قطع دابر حملات التنصير على الأمة الاسلامية , و الى يومنا هذا !!!و لقد أعز الله هذه الأمة فى هذا الزمان الذى ضاعت فيه الأسوة , و قل فيه الرجال , بهذا الرجل أحمد ديدات الذى ظهر على يديه بفضل الله تعالى نصرة هذا الدين .فلقد حارب الشيخ المجاهد حملات التنصير التى تهدد أمتنا الإسلامية شر تهديد بكافة الوسائل الممكنة.و بالنسبة للمناظرات و شرعيتها فيقول ابن القيم رحمه الله فى كتابه الماتع " زاد المعاد " 2 / 329 - فصل ( فى مناظرة أهل الكتاب و جدالهم )    - :و منها جواز مجادلة أهل الكتاب و مناظرتهم , بل استحباب ذلك , بل وجوبه اذا ظهرت مصلحته من اسلام من يرجى اسلامه منهم , و اقامة الحجة عليهم , و لا يهرب من مجادلتهم الا عاجز عن اقامة الحجة , فليول ذلك الى أهله , و ليخل بين المطي و حاديها , و القوس و باريها , و لولا خشية الإطالة لذكرنا من الحجج التى تلزم أهل الكتابين الاقرار بأنه رسول الله  بما فى كتبهم , و بما يعتقدونه بما لا يمكنهم دفعه ما يزيد على مائة طريق , و نرجو من الله سبحانه افرادها بمصنف مستقل    هذا و قد كان بفضل الله تعالى فى كتابه الماتع " هداية الحيارى فى أجوبة اليهود و النصارى " و يقول ابن القيم فى موضع أخر :و المقصود أن رسول الله لم يزل فى جدال مع الكفار على اختلاف مللهم و نحلهم الى أن توفى , و كذلك اصحابه من بعده , و قد أمره الله سبحانه بجدالهم بالتى هى أحسن فى السورة المكية المدنية , و أمره أن يدعوهم بعد ظهور الحجة الى المباهلة , و بهذا قام الدين , و انما جعل السيف ناصرًا للحجة , و أعدل السيوف سيف ينصر حجج الله و بيناته , و هو سيف رسوله و أمته ) زاد المعاد - 2 / 330 )و يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )( درء التعارض : 1357 (فهذا ما أجمعت عليه الأمة , من حصول النفع الظاهر فى اظهار الاسلام على سائر الملل و النحل من خلال تلك المناظرات , و من تتبع تاريخ الإسلام من يوم ظهوره الى زمننا هذا , يجد مناظرات عديدة قد وقعت بين أهل الكتاب و بين المسلمين فى معظم البلدان , و فى كثير من السنين , و نذكر شواهد يسيره للبيان :1- ناظر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله بعض الفضلاء من الرهبان بمصر و ذكر ذلك فى العديد من مؤلفاته .2-  ناظر ابن القيم رحمه الله كبير احبار اليهود بمصر و قد نقل المناظرة  فى كتابيه " هداية الحيارى فى أجوبة اليهود و النصارى " و " زاد المعاد " .3- ناظر الامام فخر الدين الرازى قسيسا فى مدينة ( خوارزم ) و ذكرها فى تفسيره و ذكرت أيضًا فى كتاب ( اظهار الحق ) و كانت حول ألوهية المسيح  .4- ناظر " ساويرس بن المقفع " بعض فلاسفة المسلمين زمن المعز لدين الله الفاطمى  .5- ناظر الشيخ رحمت الله الهندى القسيس بفندر فى مدينة ) أغره ) و اعترف بفندر بوجود التحريف فى الانجيل  .6- ناظر الشيخ احمد حسين ديدات العديد من كبار القساوسة و علماء اللاهوت حول العديد من الموضوعات فى شتى انحاء العالم . فكشف باطل ما كانوا يصنعون .7- ناظر اللواء مهندس احمد عبد الوهاب و القس المهتدى العلامة ابراهيم خليل أحمد بقيادة الشيخ المجاهد العلامة الدكتور محمد جميل غازى ( رحمة الله عليهم أجمعين ) مجموعة من المنصرين بلغ عددهم أثنين و عشرين منصرًا , و قد أدى الأمر الى اسلامهم جميعا , و انتشر هؤلاء بدورهم فى ربوع السودان ينشرون كلمة التوحيد . و لقد أظهر الله الحق فى هذة المناظرات و أمثالها , مما عاد على الأمة بالعزة و النصرة , و عاد على البشرية بالنفع , بالدخول فى الإسلام أفواجا .  و يقول العلامة الشيخ سعيد عبد العظيم حفظه الله فى كتابه ( دعوة أهل الكتاب الى دين رب العباد ) فى صفحة 109 و110 بتصرف :    "المناظرة أسلوب و فن و قد يحتاج إليه الإنسان لمواجهة الخصوم و عليه أن يخلص عمله لله .... و المناظر لا بد أن يكون عميق الإيمان بدينه واسع الإطلاع على ديانات غيره متمكن كل التمكن فى موضوعه , له عارضة قوية فى الجدل و سوق الحجة يعرف مواطن الضعف التى يتهجم على معارضيه منها كحال الشيخ رحمة الله الهندى فى مناظرته مع فندر فقد قرأ العهدين القديم والجديد كلمة كلمة و قرأ كل ما كتبه عنهما علماء اليهودية و المسيحية و كان من أبلغ حججه تلك الإستشهادات التى أوردها من أقوال مؤرخيهم و مفسريهم على تأييد قضيته.... هب أن ديدات لم يكن بهذه البراعة و هذا التمكن فى أيراد الحجج و تفنيد شبهات الخصم ماذا كان سيحدث؟ ! "  فلا ينكر فضل المناظرات الهادفة الا جاحد للحق , فى قلبه مرض فزاده الله مرضا ً .فالمصالح و النتائج العائدة من هذة المناظرات تكفى للرد على من أنكر هذة الوسيلة للدعوة لدين الله , و الا وجب عليه توجيه النقص و النقد الى حضرة النبى  الذى ناظر أحبار اليهود و علماء النصارى علنا ً !بل ان منكرها و مبغضها , هو مبغض لإظهار الحق جزا الله خيرا الأخ أبو عبيدة لكتابته هذه المادة العلمية.





أتى هذا المقال من موقع الشيخ أحمد ديدات - Sheikh Ahmed Deedat Web site
http://www.Ahmed-Deedat.net/wps

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.Ahmed-Deedat.net/wps/modules.php?name=News&file=article&sid=8